ذلك أن القرآن يخاطب الناس جميعاً على مختلف مستوياتهم العلمية والفكرية .. يخاطب ساكن المدينة .. كما يخاطب ساكن الغابة .. ويخاطب العالم .. كما يخاطب الأمي الذي لم يقرأ.
وكل واحد من هؤلاء يجد في القرآن ما يصله بهذا الكون .. وما يثير في قلبه التأمل والاستجابة: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185)} [الأعراف: 185].
وفي القرآن الكريم من الأدلة والبراهين والآيات الدالة على كمال الباري تبارك تعالى، ووصفه بالأسماء الحسنى، والصفات العلا، الموجبة لامتلاء القلوب من معرفته ومحبته، وتعظيمه وإجلاله، وصرف جميع أنواع العبودية الظاهرة والباطنة له تعالى.
وإن من أكبر الظلم والفحش اتخاذ أنداد لله من دونه، ليس بأيديهم نفع ولا ضرر، بل هم مخلوقون مفتقرون إلى الله في جميع أحوالهم: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9)} [الشورى: 9].
فهؤلاء قد غلطوا أقبح الغلط في عبادة أولئك الأولياء.
فالله سبحانه هو الولي الذي يتولاه عبده بعبادته وطاعته، والتقرب إليه بما أمكن من أنواع القربات.
وهو سبحانه الولي والمولى الذي يتولى عباده وجميع الخلائق بتدبيره، ونفوذ القدر فيهم، ويتولى عباده المؤمنين خصوصاً بإخراجهم من الظلمات إلى النور، وتربيتهم بلطفه وعونه.