عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)} [الشورى: 49، 50].
إن مبدع هذه المخلوقات العظيمة، وخالق هذه الكائنات العجيبة، هو الرب الملك القادر، الذي يستحق أن يُعبد وحده، وأن يُطاع فلا يُعصى، وأن يشكر فلا يكفر، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يتلقى منه وحده منهج الحياة كله، وأن لا يكون لغيره أمر ولا نهي، ولا شرع ولا حكم، ولا تحليل ولا تحريم، فذلك كله لله وحده لا شريك له.
وكل هذه المخلوقات، وكل هذه الكائنات تجري وفق سنة كونية أودعها الله في هذا الكون، يصاحبها قدر الله المصاحب لكل مخلوق.
وكلما حدث حدث وفق سنة الله، وكلما تمت حركة وفق قدر الله، انتفض هذا القلب، يرى قدر الله ينفذ، ويرى الخالق يخلق، ويرى الملِك يدبر في ملكه، ويرى الكريم يجود بفضله على خلقه آناء الليل وآناء النهار.
فيسبح بحمد ربه، ويكبره ويعظمه، ويذكره ويراقبه في كل لحظة، وفي كل حركة، ويشارك المخلوقات في أداء هذه العبادة لربه: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)} [الجمعة: 1].
ألا ما أعظم ربنا .. وما أعظم قدرته .. وما أعظم خلقه .. وما أسعد من أطاعه .. ؟.
فهل من ذاكر؟، وهل من شاكر؟، وهل من منيب؟، وهل من مستجيب؟.
وهل بقي بعد ذلك مجال لغير السمع والطاعة لله والرسول؟: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)} [الأنفال: 24].
فما أحسن الاستجابة لله والرسول، وما أجدر العاقل بذلك، وإن التولي عن الرسول وما جاء به من الدين بعد هذا كله ليبدو مستنكراً قبيحاً، لا يقدم عليه إنسان له قلب يتدبر، وعقل يتفكر: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20)} [الأنفال: 20].
وهل يليق بالإنسان أن يعيش كالبهائم والأنعام والدواب؟، بل شر من الدواب،