شَرٌّ قَالَ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ» أخرجه الترمذي (?).

والتفكر في الدنيا وحدها لا يعطي العقل البشري، ولا القلب الإنساني صورة كاملة عن حقيقة الوجود الإنساني، وحقيقة الحياة وتكاليفها، وماذا يراد منها؟.

فالدنيا شطر الحياة الأدنى والأقصر .. والآخرة شطر الحياة الأعلى والأدوم.

والله عزَّ وجلَّ بعث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ليعلموا الناس كيف يقضون حياتهم فيما ينفعهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة، وكيف يرضون ربهم الذي خلقهم ورزقهم.

ويتم ذلك بمعرفة الله بأسمائه وصفاته .. ومعرفة دينه وشرعه الذي هو الطريق الموصل إليه .. ومعرفة ما للناس بعد القدوم عليه في الآخرة .. من النعيم المقيم لمن أطاعه .. والعذاب الشديد لمن عصاه: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [البقرة: 219، 220].

فللحصول على السعادة لا بد من التفكير في الدنيا والآخرة، وتقديم ما يبقى على ما يفنى، ولزوم ذلك: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4)} [الضحى: 4].

والدنيا والآخرة ملك لله، فمن أراد شيئاً من ذلك فليطلبه من مالكها، فعنده ثواب الدنيا والآخرة، ولا ينال ما عنده إلا بطاعته، ولا تدرك أمور الدنيا والدين إلا بالاستعانة به، والافتقار إليه على الدوام: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134)} [النساء: 134].

ومن أراد الدنيا فعمل لها وسعى، ونسي المبتدأ والمنتهى، عجل الله له من حطامها ومتاعها ما شاء مما كتب له، ولكنه متاع غير نافع ولا دائم له، ثم جعل له في الآخرة العذاب والفضيحة كما قال سبحانه: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)} [الإسراء: 18].

ومن آمن بالله، وأراد الآخرة، وسعى لها سعيها الذي جاء في كتاب ربه، وجاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015