ظن به خلاف كماله المقدس، وظن به ما يناقض أسماءه وصفاته، فأي ضلال وجهل وسوء فوق هذا؟.
ولهذا توعد الله سبحانه هؤلاء بما لم يتوعد به غيرهم: {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6)} [الفتح: 6].
وقال إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - لقومه: {مَاذَا تَعْبُدُونَ (85) أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87)} [الصافات: 85 - 87].
أي فما ظنكم بربكم أن يجازيكم به إذا لقيتموه وقد عبدتم معه غيره؟.
وما ظننتم به حتى عبدتم معه غيره؟.
وما ظننتم بأسمائه وصفاته وربوبيته من النقص حتى أحوجكم ذلك إلى عبادة غيره؟.
فلو ظننتم به ما هو أهله سبحانه من أنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه الغني عن كل ما سواه، وكل ما سواه فقير إليه، لما عبدتم معه غيره.
ولو علمتم أن الله قائم بالقسط على خلقه وحده، وأنه المتفرد بتدبير خلقه، لا يشركه فيه غيره، والعالم بتفاصيل الأمور كلها فلا يخفى عليه خافية من خلقه، لما عبدتم معه غيره.
ولو علمتم أن الله وحده هو الكافي لعباده فلا يحتاج إلى معين، وهو الرحمن بذاته فلا يحتاج في رحمته إلى من يستعطفه، لما توكلتم إلا عليه، ولما عبدتم معه غيره.
إن الملوك والرؤساء والأمراء لعجزهم وجهلهم يحتاجون إلى من يعرفهم أحوال الرعية وحوائجهم، وإلى من يعينهم على قضاء حوائجهم، وإلى من يستعطفهم ويسترحمهم بالشفاعة، فاحتاجوا إلى الوسائط ضرورة، لحاجتهم وضعفهم وعجزهم وقصور علمهم.
أما القادر على كل شيء، العالم بكل شيء، الغني بذاته عن كل شيء، الرحمن