العظيم: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)} [الجمعة: 4].
والدنيا لها جهد .. والدين له جهد، ولا بد من القيام بهما معاً لتصلح أحوالنا في الدنيا والآخرة، فللدنيا أسباب وللآخرة أسباب، لكن ينبغي العمل لكل واحدة بقدر بقائنا فيها، والدنيا بالنسبة للآخرة لا تساوي شيئاً.
والصحابة رضي الله عنهم لما عرفوا ذلك قدموا جهد الدين على جهد الدنيا فنزلت الهدايات، وجاءت المنافع والبركات والفتوحات.
والأمة الآن لما قدمت جهد الدنيا على جهد الدين أغلقت أبواب الهداية، وأصابتها الذلة، وحلت بها المصائب، وانتشرت فيها المعاصي، وتسلط عليها الأعداء.
إنه من العجيب حقاً، بل من المؤسف حقاً، أن تقف الأمة ضد مرتكب الجريمة في شأن المخلوق كالقاتل والسارق ولا تقف ضد مرتكب الجريمة في شأن أحكم الحاكمين بالكفر والشرك والبدع والمعاصي.
فلا تهتز قلوبها لرحمته .. ولا تنطق ألسنتها بدعوته .. ولا تتحرك جوارحها لهدايته وإرشاده إلى الصراط المستقيم.
والله تبارك وتعالى خلق الجن والإنس لعبادته وحده لا شريك له كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)} [الذاريات: 56 - 58].
والله عزَّ وجلَّ له مراد من عبده كما أن للعبد مراد من ربه .. ومراد الرب من عبده لمصلحة العبد .. فالله غني عن العالمين كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15)} [فاطر: 15].
كما أن مراد العبد من ربه لمصلحته هو كذلك كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} ... [العنكبوت: 69].
فأما مراد الله من الخلق فسبعة أمور هي:
الأول: الإيمان والتوحيد كما قال سبحانه: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا