فترده، فيتولد لها من إيثارها للداء، واجتنابها للدواء، أنواع من الأسقام والعلل التي تعيي الأطباء، ويتعذر معها الشفاء.

وقد سميت النفس نفساً إما من الشيء النفيس لنفاستها وشرفها، وإما من تنفس الشيء إذا خرج، فلكثرة خروجها ودخولها في البدن سميت نفساً.

وفي النفس ثلاثة دواع متجاذبة:

أحدها: داع يدعوها إلى الاتصاف بأخلاق الشياطين من الكبر والحسد والعلو والبغي والغش والكذب.

الثاني: داع يدعوها إلى الاتصاف بأخلاق الحيوان من الحرص والبخل والشهوة.

الثالث: داع يدعوها إلى الاتصاف بأخلاق الملائكة من الطاعة والعبادة، والإحسان والنصح، والعلم والبر، والتسبيح والاستغفار.

والنفس فيها استعداد للخير والشر، وهي بحسب المذكر، ولمن سبق وغلب منقادة مطاوعة:

فترى من الناس من هو شيطان يركض بكل شر وفساد.

ومنهم كالحيوان ليس له هم إلا قضاء شهواته.

ومنهم كالملائكة عبادة لله، وطاعة له، وتسبيح واستغفار، في ليله ونهاره.

والنفس الإنسانية لها قوتان:

إحداهما: القوة النظرية، وكمالها في معرفة الأشياء، وأعلى المعارف معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله.

الثانية: القوة العملية، وكمالها في معرفة الخيرات والطاعات، وأعلاها عبادة الله بالأعمال الصالحة على طريقة رسوله - صلى الله عليه وسلم - كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107)} [الكهف: 107].

فقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} إشارة إلى كمال القوة النظرية بمعرفة الله.

وقوله: {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} إشارة إلى كمال القوة العملية بعبادة الله وإنما تكمل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015