فليس للعبد إلا الاستغفار المستمر على ما سلف من الذنوب والمعاصي، ولهذا أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - بكثرة الاستغفار في ختام دعوته كما قال سبحانه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} [النصر: 1 - 3].
والنبي - صلى الله عليه وسلم - أكمل الخلق، وأكرمهم على الله، وأعرفهم به، والمقدم على الخلق كلهم في جميع أنواع الطاعات، وكان أصحابه رضي الله عنهم يعدون له في المجلس الواحد قبل أن يقوم: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الْغَفُورُ مِائَةَ مَرَّةٍ» أخرجه أحمد والترمذي (?).
فكيف بحالنا نحن المقصرين المفرطين؟
كم نحتاج إلى الاستغفار والتوبة من الذنوب والمعاصي كل يوم، بل كل لحظة؟.
ألا ما أجهل البشر بربهم حين يقصرون في طاعته، ويقترفون معصيته، وينتهكون محارمه، ويخالفون أوامره: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74)} [المائدة: 74].
فما أجهل الإنسان بربه، وما أظلمه لنفسه حين يتأخر عن طاعة ربه، ويقدم على معصيته، مع تواتر إحسان ربه إليه على مدى الأنفاس.
فقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم .. وأزاح علله .. وبعث إليه رسله .. وأنزل عليه كتبه .. وساق إليه رزقه .. ومكنه من التزود إلى جنته .. وأعطاه السمع والبصر والفؤاد .. وعرَّفه الخير والشر .. وحبب إليه الطاعات .. وكرَّه إليه الكفر والفسوق والعصيان، وأعانه الله بجند من الملائكة يحرسونه، ويحاربون عدوه، ويريدون منه أن لا يميل إليه، ولا يصالحه، وهم يكفونه مؤنته، ويأبى إلا مظاهرته عليهم، وموالاته دونهم: {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ