فإن كان حصل فواته تأسف على الفعل المفوت، وأعقب الندم.
فإذا غلب هذا الألم على القلب، انبعث من القلب حالة أخرى تسمى إرادة وقصداً إلى فعل له تعلق بالحال والماضي والمستقبل:
أما تعلقه بالحال فبترك الذنب الذي كان ملابساً له.
وأما في المستقبل فبالعزم على ترك الذنب المفوت للمحبوب إلى آخر العمر.
وأما في الماضي فبتلافي ما فات بالجبر والقضاء إن كان قابلاً للجبر والقضاء، والإكثار من الاستغفار.
والناس قسمان: تائب .. وظالم كما قال سبحانه: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)} [الحجرات: 11].
والتوبة معناها الرجوع، فالتائب هو الراجع إلى الله تعالى من المعصية إلى الطاعة .. ومما نهى الله عنه إلى ما أمر الله به.
فمن رجع عن المعاصي خوفاً من عذاب الله فهو تائب .. ومن رجع عنها حياءً من الله فهو منيب .. ومن رجع عنها تعظيماً لجلال الله سبحانه فهو أواب، كما وصف الله خليله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75)} [هود: 75].
فعلينا أن نطهر ظواهرنا وبواطننا من الذنوب والمعاصي، فإن ذنوبنا من أكبر عيوبنا، وهي أوساخ تدنس قلوبنا وجوارحنا.
فنبدأ بتطهير قلوبنا من الشك والشرك والشبهات .. ثم التطهر من المحرمات كما قال سبحانه: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (120)} [الأنعام: 120].
ثم التطهر من المكروهات، ثم من المشتبهات، ثم من فضول المباحات، ثم من كل شاغل يشغل عن رب الأرض والسموات.
والعبد في الذنب ينظر إلى أربعة أمور:
الأول: نظر إلى الأمر والنهي، فهو لم يخلق إلا لعبادة الله وطاعته.
الثاني: نظر إلى الحكم والقضاء، فالله له الخلق والأمر وحده، يفعل ما