ثم ينظر في جميع أيامه ولياليه، ويفصل ويعرض ديوان معاصيه أمام نفسه، حتى يطلع على جميعها، صغائرها وكبائرها.
ثم ينظر فيها:
فما كان من ذلك بينه وبين الله تعالى كالتقصير في العبادات ونحوها مما لا يتعلق بمظالم العباد، فالتوبة عنها بالندم والتحسر عليها، وبأن يحسب مقدارها من حيث الكبر والعدد، ويطلب لكل معصية منها حسنة تناسبها.
فيأتي من الحسنات بمقدار تلك السيئات: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)} [هود: 114].
وسئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: «تَقْوَى اللهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ» وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ فَقَالََ: «الْفَمُ وَالْفَرْجُ» أخرجه الترمذي وابن ماجه (?).
وأما مظالم العباد ففيها أيضاً معصية وجناية على حق الله تعالى، فإن الله عزَّ وجلَّ نهى عن ظلم العباد، فما يتعلق بحق الله تعالى منه تداركه بالندم والتوبة، وترك مثله في المستقبل، والإتيان بالحسنات التي هي أضدادها.
فيقابل مثلاً إيذاء الناس بالإحسان إليهم، ويكفر غصب أموالهم إن لم يجدهم بالصدقة بها عنهم، ويكفر عن غيبتهم بالثناء عليهم ونحو ذلك.
وأما الجناية على القلوب بمشافهة الناس بما يسوؤهم أو يبيعهم في الغيبة، فيطلب كل من تعرض له بلسانه، أو آذى قلبه بفعل من أفعاله، ويستحلهم واحداً واحداً.
ومن مات منهم أو غاب فقد فات أمره، فيتدارك ذلك بتكثير الحسنات، والدعاء له، والتضرع إلى ربه، ليكف عقوبتها عنه بما شاء.
وأما العزم المرتبط بالمستقبل، فهو أن يعقد مع الله عقداً مؤكداً، ويعاهده بعهد وثيق أن لا يعود إلى تلك الذنوب وأمثالها.