والمغفرة، فإن دعا إليها فعليها وزرها ووزر من عمل بها.
الثالث: أن لا يفعلها في مجامع الناس كالمساجد والأسواق، وأماكن إقامة السنن، فهذا من أضر الأشياء على الناس، لكثرة من يقتدي به فيما يعمل في تلك الأماكن.
الرابع: أن لا يستصغرها ولا يحتقرها، فالاستهانة بالذنب أعظم من الذنب.
والذنوب كلها بالنسبة إلى الجرأة على الله سبحانه معصية، ومخالفة أمره كبائر، وذلك بالنظر إلى من عصيت أمره، وانتهكت محارمه.
والمعصية تتضمن الاستهانة بالآمر، والاستهانة بأمره، والتوثب على حق الرب عزَّ وجلَّ وذلك كله يحتاج من العبد إلى التوبة والاستغفار: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110)} [النساء: 110].
إن أول ما يفسد من الشجرة الجذور ثم ينتشر الفساد على باقي الشجرة، ثم تتعفن الثمرة، وكذلك الإنسان أول ما يفسد قلبه، ثم تفسد معاملاته ومعاشراته وأخلاقه، ثم تفسد عباداته، ثم يتحول من جند الرحمن إلى جند الشيطان.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وَهِيَ الْقَلْبُ» متفق عليه (?).
وإذا تذكر العبد أن الذي خلقه هو الله .. وأن الذي يرزقه هو الله .. وأن الذي أعطاه العقل والسمع والبصر هو الله .. وأن الذي أسكنه في الأرض هو الله .. وأن الذي هداه هو الله .. إذا ذكر هذا علم أن من هذه صفاته وهذه أفعاله لا يليق به إلا الطاعة التامة، والمحبة التامة .. وأن معصيته لا تليق بالإنسان فكيف بالعاقل، فكيف بالمسلم؟.
وهل يليق بالرب المحسن إلى العبد من جميع الوجوه أن يقابل ذلك بالمعاصي والسيئات التي أول ما تضر نفسه.