اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68)} [النساء: 66 - 68].
ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها كما قال سبحانه: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} [المائدة: 13].
والله عزَّ وجلَّ على صراط مستقيم في قضائه وقدره، وفي أمره ونهيه، يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم بفضله ورحمته، ويصرف من يشاء عن صراطه المستقيم بعدله وحكمته لعدم صلاحية المحل.
فهو سبحانه على صراط مستقيم، ونصب لعباده من أمره صراطاً مستقيماً دعاهم جميعاً إليه، فإذا كان يوم لقائه نصب لخلقه صراطاً مستقيماً يوصلهم إلى الجنة، ثم صرف عنه من انصرف عنه في الدنيا، وأقام عليه من اتبع صراطه المستقيم في الدنيا.
وجعل نور المؤمنين به الذي كان في قلوبهم في الدنيا نوراً ظاهراً يسعى بين أيديهم وبأيمانهم في ظلمة الحشر والموقف، وحفظ عليهم نورهم حتى قطعوه كما حفظ عليهم الإيمان به حتى لقوه.
وأطفأ نور المنافقين أحوج ما كانوا إليه كما أطفأه من قلوبهم في الدنيا: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)} [الحديد: 12].
فمن لم يقبل نور الإيمان في الدنيا فلا حظَّ له في النور يوم القيامة، فهو أعمى وفي الظلمات فأنى يهتدي وينجو: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13)} [الحديد: 13].
وأقام سبحانه أعمال العصاة على جنبتي الصراط كلاليب وحسكاً تخطفهم إلى النار كما خطفتهم في الدنيا عن الاستقامة على الصراط المستقيم.