ومن كان الله مولاه فما حاجته بولاية أحد من خلقه؟ .. ومن كان الله ناصره فما حاجته بنصرة أحد من العبيد؟.
والله تبارك وتعالى لطيف بعباده رحيم بهم كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65)} [الحج: 65].
وهو سبحانه غني عن عذاب العباد، فما به سبحانه من نقمة ذاتية عليهم يصب عليهم من أجلها العذاب، وما به سبحانه من حاجة لإظهار سلطانه وقوته عن هذا الطريق، وما به سبحانه من رغبة ذاتية في عذاب الناس، وإنما هو صلاح العباد بالإيمان والشكر لله عزَّ وجلَّ: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)} [النساء: 147].
فعذاب الله جزاء على الجحود والكفران، وتهديد لعله يقود إلى الشكر والإيمان.
إنها ليست شهوة التعذيب، ولا رغبة التنكيل، فمتى اتقى الإنسان ربه بالشكر والإيمان فهنالك المغفرة والرضوان، وهناك شكر الله سبحانه لعبده: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)} [إبراهيم: 7].
وإذا كان الخالق المنعم المتفضل، الغني عن العالمين، يشكر لعباده صلاحهم وإيمانهم وشكرهم وهو غني عنهم وعن إيمانهم وشكرهم، فماذا ينبغي للمخلوقين المغمورين بنعم الله؟. وماذا يجب عليهم تجاه الخالق الرزاق المنعم المتفضل؟.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)} [البقرة: 172].
وأعظم المنكرات والفواحش والكبائر ثلاثة:
الشرك بالله .. والزنا .. وقتل النفس بغير حق، وكل هذه جرائم قتل في الحقيقة.
الجريمة الأولى: جريمة قتل الفطرة.