الروح تقوى.
ومن مشي على طريق الشهوات لا يزول قلقه ولا همه حتى يسير على أحكام الله، ولو كان عنده الملك والمال، وسائر الشهوات والملذات كما قال سبحانه: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126)} [طه: 123 - 126].
والذي يمشي في طريق الطاعات تفتح له أبواب السعادة في الدنيا، ثم تزداد سعادته وسروره كلما أحدث طاعة .. ثم تزداد سعادته عند الموت حين تبشره الملائكة بالجنة .. ثم تزداد سعادته في القبر، فقبر المؤمن روضة من رياض الجنة .. ثم تزداد سعادته عند البعث والحشر، حيث يبعث آمناً من غضب الله وعقابه .. ثم تزداد سعادته وتبلغ كمالها إذا دخل الجنة، ورأى ربه، وفاز برضاه، نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يجعلنا وإياكم ممن يكرم بذلك.
والذي يمشي في طريق المعاصي تفتح له أبواب الشقاء في الدنيا .. ثم يزداد شقاؤه وألمه كلما أحدث معصية .. ثم يزداد شقاؤه وعذابه عند الموت حين تبشره الملائكة بالنار .. ثم يزداد عذابه وشقاؤه في القبر، فقبر الكافر حفرة من حفر النار .. ثم يزداد شقاؤه عند البعث والحشر، حيث يبعث خائفاً من غضب الله وعقابه .. ثم يزداد شقاؤه وعذابه ويبلغ كماله إذا دخل النار وأعرض عنه ربه، وباء بسخطه وغضبه، نسأل الله السلامة والعافية.
وخاصية النفس تريد المعاصي والشهوات، فهي أمارة بالسوء، وخاصية الروح تريد طاعة الله، فالنفس تحب الشهوات، والروح تحب طاعة الله.
وإذا قويت النفس انقاد الإنسان لها فأوقعته في الشهوات والمحرمات، وإذا قويت الروح انقاد الإنسان لها فحركت جوارحه لطاعة الله ورسوله.
وكل من مشى مستقيماً على طاعة الله فتحت له أبواب الرحمة والبركة، ووجد اللذة والراحة في كل شيء أمر الله به، حتى يجد الراحة الكاملة في الجنة.