وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لَنْ يُدْخِلَ أحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ» قَالُوا: وَلا أنْتَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: «وَلا أنَا، إِلا أنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ مِنْهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ» متفق عليه (?).
فأمور الخلائق كلها بيد الله وحده، والهداية بيد الله، ولكن الله جعل لها أسباباً، كما جعل للنور أسباباً، وللحياة أسباباً، وللكسب أسباباً.
وحتى تحصل الهداية لمن ندعوه لا بدَّ من العلم بأمور:
الأول: أن نتيقن أن القلوب بيد الله، فندعو الله له بالهداية.
الثاني: أن يكون في قلوبنا الحزن على العاصي، ورحمته، والسعي لإصلاحه.
الثالث: أن نؤلف قلبه، ونتقرب إليه بما يحب كالهدية.
الرابع: ثم نتفكر ما مرض هذا العاصي؟ .. وما دواء هذا المرض؟.
الخامس: ثم ننظر ماذا نعطيه منه؟ .. وما هو الوقت المناسب لذلك؟.
السادس: أن نعتقد ونجزم أن علاجه مسئوليتنا، فإن تركناه فأين يذهب.
وبذلك يتأثر الناس، وتنزل الهداية على من شاء الله هدايته، ويجعلنا الله سبباً لهداية العالم.
والمسلم إذا أطاع الله، وامتثل أوامره، جاءت عليه مشقة في البداية، ولكنها صغيرة، والسعادة التي تعقبها كالبحر بالنسبة إلى القطرة، والعاقل لا يترك البحر من أجل قطرة.
والنفس تجد اللذة في المعاصي، ولكن هذه اللذة كالقطرة بالنسبة لعذاب يوم القيامة، والعاقل لا يتلذذ بلذة صغيرة عاجلة، ويترك بحر السعادة في الآخرة.
وقد خلق الله الإنسان واستخلفه في هذه الحياة، وهو صائر إلى الله في نهاية المطاف.
وعقد الاستخلاف لهذا الإنسان في الأرض قائم على تلقي الهدى من الله، والتقيد بمنهج الله في الحياة، والإنسان سامع مطيع: