كما قال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)} [التوبة: 72].
وكلما تمكن العبد في منازل العبودية كانت عبوديته أعظم، وذكره لله أكثر، وصار الواجب عليه منها أكبر وأكثر من الواجب على غيره.
ولهذا كان الواجب على الرسل أعظم من الواجب على أممهم .. والواجب على أولي العزم من الرسل أعظم من الواجب على غيرهم .. والواجب على العلماء أعظم من الواجب على من دونهم .. فكل أحد بحسب مرتبته .. ودرجته بحسب عمله.
والعبودية التامة امتثال أوامر الله في جميع أحوال الإنسان، وفي جميع شعب الحياة، على طريقة رسوله - صلى الله عليه وسلم -:
في الإيمان .. والعبادات .. والمعاملات .. والمعاشرات .. والأخلاق كما قال سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)} [الأنعام: 162،163].
والطريق إلى الله واحد وهو الإسلام، والإسلام جامع لكل ما يرضي الله، وما يرضي الله متعدد متنوع بحسب الأزمان والأماكن والأشخاص والأحوال، ومن رحمة الله أن جعلها متنوعة جداً؛ لأختلاف استعدادات العباد وقوابلهم، ليسلك كل امرئ إلى ربه بعد أداء الفرائض طريقاً يناسب استعداده وقوته وقبوله، فمن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الذي يسلكه إلى الله طريق العلم والتعليم، قد وفر عليه زمانه مبتغياً به وجه الله، فلا يزال كذلك حتى يصل من تلك الطريق إلى الله.
ومن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الصلاة، فمتى أدى ورده منها فهو في سرور وانشراح، ومتى قصر في ورده أظلم عليه وقته، وضاق صدره.
ومن الناس من يكون سيد عمله الذكر، فهو يتلذذ بذكر الله في كل وقت، وقد جعله زاداً لمعاده، فمتى فتر وقصر رأى أنه قد غبن وخسر.