آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37)} [النساء: 37].
فجمعوا بين البخل بالمال، والبخل بالعلم، وبين السعي في خسارة أنفسهم وخسارة غيرهم، وهذه هي صفات الكافرين.
فكما كفروا بالله، ومنعوا حقوق عباده، وتكبروا على خلق الله أهانهم الله بالعذاب الأليم والخزي الدائم.
ومن أصول هذا الدين الرحمة والشفقة على الخلق عموماً، فما تراحم قوم إلا اجتمع أمرهم، وارتفعت بين الأمم مكانتهم، ورضي الله عنهم.
وما نزعت الرحمة من قوم، واستعملوا الغلظة والقسوة إلا دارت عليهم دائرة السوء.
والرحمة عاطفة شريفة، وخليقة محمودة، مدح الله بها عبده ورسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - كما قال سبحانه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة: 128].
فالرحمة من أسمى الفضائل الإنسانية:
تكون من الآباء للأبناء تقبيلاً، ومعانقة، وتأديباً، وإحساناً إليهم.
وتكون الرحمة من الأبناء للآباء والأمهات قولاً كريماً، وصنعاً جميلاً، وطاعة في غير معصية الله، وخدمة صادقة، ودعاء لهم بالخير، واستغفاراً لهم، ووفاء لديونهم، وإكراماً لأصدقائهم.
وتكون الرحمة بين الأقارب صلة ومواساة ومودة، وسعياً في مصلحة، ودفعاً لمضرة.
وتكون بين الزوجين معاشرة بالمعروف، وإحساناً وعفواً متبادلاً.
وتكون الرحمة بين أهل الدين الواحد إرشاداً إلى الخير، وتحذيراً من كل شر.
وتكون بين جميع الأفراد بأن يحب أحدهم للآخر ما يحبه لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه، فيسعى إلى ما فيه منفعتهم، يواسي محتاجهم، ويداوي جريحهم، ويعود مريضهم، ويجبر كسيرهم، ولا يكلف أحداً بأمر عسير، ولا يحمله من