فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)} [ص: 26].
فيما يمكن أن يصمد ظالم باغ منحرف عن سنة الله أمام قوة الله، وكيف يصمد بقوته الهزيلة الضئيلة لتلك القوى الساحقة الهائلة، ولعجلة الكون الجبارة الطاحنة التي خلقها الله سبحانه، وهي مستعدة لمن أمرها الله بتدميره من الكفار والظلمة: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)} [هود: 102].
وسنة الله جارية في الظالمين: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19)} [الفرقان: 19].
ومن لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر؛ لأنه رفض ألوهية الله، واختصاصه بالتشريع لعباده وحده، وادعائه حق الألوهية بادعائه حق التشريع للناس من دون الله.
وهو ظالم يحمل الناس على شريعة غير شريعة ربهم، وظالم لنفسه بإيرادها موارد الهلكة، وتعريضها لعقاب الكفر، وتعريض حياة الناس للفساد، وهذه صفة أخرى لمن لم يحكم بما أنزل الله.
وهو فاسق لخروجه عن منهج الله الحق، إلى منهج غيره الباطل.
فهذه صفة ثالثة لمن لم يحكم بما أنزل الله.
والله سبحانه لما خلق آدم أخبر الملائكة أنه جاعل في الأرض خليفة، فأهبط الله آدم إلى الأرض، وسلَّم إليه خلافة الأرض، وليس معنى الخلافة الملك بأن يطيعه البشر فقط، بل المقصود أنه خليفة في تنفيذ أوامر الله، وتطيعه المخلوقات إذا أطاع الله.
فأمره الله عزَّ وجلَّ أن يطيع الله، ويقيم أوامر الله في الأرض.
فالجوع والعطش من أمر الله، ولهما أوامر من الله، فلا نأكل ونشرب بغية اللذة، ولا لإزالة الجوع والعطش، هذه خلافة حيوانية، والحيوان يفعلها، بل نأكل