من أطاعوه بالجنة، منذرين من عصوه بالنار، مثبتين للذين آمنوا أمام أحداث الدنيا وتقلباتها، وجعلهم أسوة للعباد في جميع أحوالهم ليقتدوا بهم، فمن اقتدى فقد اهتدى كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)} [الأعراف: 158].
وجاءت رسل الله لتبشر خلق الله برحمة الله، وإنعامه عليهم في الدنيا والآخرة.
فهو سبحانه بعد أن خلق لهم النعم في الدنيا، ثم خلقهم فيها، زادهم فضلاً على فضل بأن خلق لهم الجنة لينعموا بها في الآخرة، فهو سبحانه رحمان الدنيا والآخرة، ورسوله رحمة للناس في الدنيا والآخرة كما قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} [الانبياء: 107].
ومن رحمة الله تبارك وتعالى أن أرسل الرسل من البشر، يختارهم منهم، حتى يكون الرسول شهيداً على من أرسل إليهم يوم القيامة.
فإن قالوا إن هذا المنهج كلفنا ما لا نطيق، كانت هذه الحجة مردوداً عليها، فإن هذا المنهج طبقه بشر مثلكم، ولم يتحمل فوق ما يطيق، وكان مثلاً لكم تحتذون به، فالتكليف مناسب للمكلف به.
ولو أرسل الله إلى البشر ملكاً لقال الناس هذا ملك مخلوق من نور، ونحن مخلوقون من طين، وله قدرات فوق قدرتنا.
ولكن كون الرسول بشراً، وكونه من بين قومه، وكونه يطبق المنهج، يسقط حجة هؤلاء جميعاً: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94) قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95)} [الإسراء: 94،95].
والرسل تهدي إلى طريق الحق والهدى، وتبين للناس أحكام الدين وتهديهم إلى الطريق المستقيم، وتوضح لهم سبله كما قال سبحانه لرسوله: {وَإِنَّكَ