والله سبحانه تكرم على البشرية بإنزال منهج يحيط بالإنسان في جميع أحواله، فلا تجد تصرفاً بشرياً إلا وله أمر من الله يستوعبه كما قال سبحانه: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)} [النحل: 89].

فمنهج الله الذي أرسل به رسوله - صلى الله عليه وسلم - يحيط بحياة الإنسان إحاطة كاملة .. وفيه شفاء للبشرية، وحل مسائلها إلى يوم القيامة.

فلا أحد يترك منهج الله وخاتم رسله إلا أن يكون له غرض شخصي، منهج يوافق هواه، فيترك منهج السماء، ويتبع منهجاً وضعه البشر، ولكن لماذا؟

إن الإنسان عادة لا يحب أن يتبع مساوياً له، بل لا بد أن يكون الذي يتبعه أعلى منه؛ لأن عنده ما لا يملكه، فيتبعه للحصول عليه، ولكنه يتنازل عن هذا، ويتبع منهجاً بشرياً من مساو له، وذلك حين تتلاقى المصالح والأهواء، ويحلل الحرام، ويباح كل منكر، فحينئذ يتبع الإنسان منهج الإنسان.

فالأمم والشعوب حين تترك منهج الله، الذي هو عدل لا هوى فيه، والذي يعطي كل إنسان حقه، والذي هو أمن وأمان للجميع، حين تترك منهج الله وتتبع منهج البشر فذلك من هوى النفس: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)} [القصص: 50].

ومن عناية الله ببني آدم وكمال رحمته بهم أن أرسل إليهم رسلاً مبشرين ومنذرين، منهم من قص الله علينا أخبارهم، ومنهم من لم يقص علينا أخبارهم، وذلك ليعلم الناس أن هناك مواكب للرسل.

ومن رحمة الله بعباده أنه لم يرسل رسولاً واحداً فقط كما نور الكون كله بشمس واحدة فقط لماذا؟

لأن الله عزَّ وجلَّ لو أرسل رسولاً واحداً في أول البشرية بتعاليم من الله، ثم بعد ذلك تعاقبت الأجيال، وأخفى كل جيل جزءاً من رسالة الله لضاعت الرسالة كلها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015