الكبرى للقوة الهزيلة الفانية التي تتضاءل مهما كانت أمام أصحاب الإيمان كما قال الله لرسوله: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71)} [يونس: 71].
قال نوح - صلى الله عليه وسلم - لقومه: إن كان الأمر بلغ منكم مبلغ الضيق، فلم تعودوا تتحملون بقائي فيكم، وتذكيري لكم بآيات الله، فأنتم وما تريدون، وأنا ماض في طريقي، لا أعتمد إلا على الله وحده فهو حسبي.
أما أنتم فأجمعوا أمركم، وخذوا أهبتكم متضامنين غير مترددين، ثم اقضوا إلي، ونفذوا ما عزمتم عليه بشأني، ولا تنظروني ولا تمهلوني للأهبة والاستعداد.
فكل استعدادي هو اعتمادي على الله وحده دون سواه، فهو مولاي وناصري ممن بغى علي وآذاني، ولو كانوا جميع أهل الأرض فربي لهم بالمرصاد.
أرأيت قوة اليقين في قلوب الأنبياء؟.
إنه التحدي الصريح المثير، الذي لا يقوله قائل إلا وهو مطمئن إلى ربه، مالئ يديه من قوته، واثق كل الوثوق من عدته، حتى ليغري خصومه بنفسه، ويثيرهم بمثيرات القول على أن يهاجموه.
فماذا كان مع نوح - صلى الله عليه وسلم - من القوة والعدد والعساكر؟.
إنه الإيمان الذي يصله بربه، الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير.
وأصحاب الدعوة إلى الله لهم أسوة برسل الله، وأنه ينبغي أن تمتلئ قلوبهم بالثقة بالله حتى تفيض، وإن لهم أن يتوكلوا على الله وحده، ويقفوا في وجه الطاغوت أياً كان.
ولن يضرهم الطاغوت إلا أذىً يسيراً ابتلاء من الله، لا عجزاً منه سبحانه عن نصرة أوليائه، ولا تركاً لهم ليسلمهم إلى أعدائه، ولكنه الابتلاء الذي يمحص القلوب والصفوف، ثم تعود الكرة للمؤمنين، ويحق وعد الله لهم بالتمكين كما قال سبحانه: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا