فيذكر سبحانه العدل ويوجبه، ويذكر الفضل والإحسان ويندب إليه.
وحرم - صلى الله عليه وسلم - على أمته كل خبيث وضار، وأباح لهم كل طيب ونافع.
وكل ما حرمه الله على هذه الأمة رحمة لهم، وما حرمه على من قبلهم عقوبة لهم.
وجعلهم سبحانه خير أمة أخرجت للناس، وكمل لهم من المحاسن ما فرقه في الأمم قبلهم، وكمل لنبيهم من المحاسن ما فرقه في الأنبياء قبله، وكمل في كتابه من المحاسن بما فرقها في الكتب قبله، وكمل في شريعته من المحاسن ما فرقه في الشرائع من قبله.
وجعل هذه الأمة شهداء على الناس، واصطفاهم على الأمم كما قال سبحانه: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)} [الحج: 78].
وقد خلق الله سبحانه آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وجعله خليفة في الأرض.
وحقيقة الخلافة أن يأمر الله الكائنات فتطيعه، فكما أطاع الله، الله يأمر الكائنات فتطيعه، يأمر البحار والجبال، والملائكة والرياح فتطيعه كما أطاع الله، كما سخر الله الماء لنوح فأغرق الله به أعداءه، وكما سخر نفس الماء فجعله سبباً لنجاة نوح ومن آمن معه.
وكما سخر البحر لموسى فانغلق اثني عشر طريقاً يابساً وفي وقت واحد وبماء واحد وبأمر واحد أغرق الله فرعون وقومه، وأنجى موسى ومن آمن معه.
وكما سخر الله لداود الجبال والطير تسبح معه، وألان له الحديد يفعل به ما يشاء.
وكما سخر الله لسليمان الريح عاصفة تجري بأمره، وعلمه منطق الطير، وسخر