عليها، بل يسارع النبي إلى التوبة منها، وهم أكثر الخلق تعظيماً لله، وحمداً له، وتكبيراً له، واستغفاراً له، وهم أعرف الخلق بالله، وأكملهم إيماناً به، وأعظمهم توحيداً له، وأحسنهم طاعة له.
وقد يبعث الله نبياً وحده، أو رسولاً وحده، وقد يجمع الله بين بعثة نبيين أو نبي ورسول أو أكثر في زمن واحد.
كما بعث سبحانه إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - وبعث في زمنه لوطاً - صلى الله عليه وسلم -، وكما بعث يعقوب وابنه يوسف عليهما الصلاة والسلام في زمن واحد، وكما بعث موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام في زمن واحد، وكما بعث داود وابنه سليمان عليهما الصلاة والسلام في زمن واحد، وكما بعث زكريا ويحيى وعيسى عليهم الصلاة والسلام في زمن واحد.
وبنو إسرائيل هم أولو العلم الأول، وأنزل الله إليهم التوراة فيها هدى ونور، وتفصيل كل شيء كما قال الله سبحانه عن موسى - صلى الله عليه وسلم -: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145)} [الأعراف: 145].
ولهذا كانت أمة موسى أوسع علماً ومعرفة من أمة المسيح، ولهذا لا تتم شريعة المسيح إلا بالتوراة وأحكامها.
فإن المسيح وأمته محالون في الأحكام عليها، والإنجيل مكمل لها، متمم لمحاسنها، وغالبه مواعظ وزهد وأخلاق وحض على الإحسان والاحتمال والصفح، ثم جاء القرآن الكريم جامعاً لمحاسن الكتابين كما قال سبحانه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48].
والشريعة التي جاء بها محمد - صلى الله عليه وسلم - أعظم الشرائع وأكملها، فظهور نبوته تصديق لنبواتهم، وشهادة لها بالصدق كما قال سبحانه عنه: {بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ