المعمور، وجعلها مستقر المقربين من ملائكته، واختصها بالقرب من كرسيه وعرشه، وأسكنها من شاء من خلقه.
فلها مزية وفضل على سائر السموات، ولو لم يكن إلا قربها منه تبارك وتعالى.
وخلق سبحانه الكرسي وجعله محيطاً بالسموات والأرض: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255].
وخلق سبحانه العرش، وجعله أكبر المخلوقات وأوسعها وأعلاها، واختاره من بين المخلوقات فاستوى عليه كما قال سبحانه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5].
وخلق سبحانه جنة الفردوس، وفضلها على سائر الجنان، وجعل عرشه سقفها، وغرسها بيده، واختارها لخيرته من خلقه.
وخلق سبحانه عالم الملائكة، واختار منهم المصطفين منهم على سائرهم كجبريل وميكائيل وإسرافيل.
فذكرهم سبحانه لكمال اختصاصهم واصطفائهم وقربهم من الله عزَّ وجلَّ.
فجبريل صاحب الوحي الذي به حياة القلوب والأرواح.
وميكائيل صاحب القطر الذي به حياة الأرض والنبات.
وإسرافيل صاحب الصور الذي إذا نفخ فيه صعق من في السموات ومن في الأرض، فإذا نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون.
واختيار الرب تعالى لعبده نوعان:
أحدهما: اختيار ديني شرعي، فالواجب على العبد أن لا يختار في هذا القسم غير ما اختار له سيده كما قال سبحانه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)} [الأحزاب: 36].
فاختيار العبد خلاف ما اختار الله له مناف لإيمانه وتسليمه، ورضاه بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً.