{قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124)} [البقرة: 124].
وأجرى جل جلاله على يديه بناء بيته العتيق، الذي جعله قياماً للناس، وقبلة لهم، وحجاً لهم إلى يوم القيامة، فكان ظهور هذا البيت وعمارته من أهل هذا البيت الأكرمين.
وأخرج سبحانه من أهل هذا البيت الأمتين العظيمتين، وهم أمة موسى - صلى الله عليه وسلم - وأمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأمة محمد تمام سبعين أمة هم خيرها وأكرمها على الله سبحانه، وأبقى عليهم لسان صدق وثناء في العالم، فلا يذكرون إلا بالثناء عليهم، والصلاة والسلام عليهم.
وجعل سبحانه خلاص خلقه من شقاء الدنيا والآخرة على أيدي أهل هذا البيت، فلهم على الناس من النعم ما لا يمكن إحصاؤها ولا جزاؤها، ولهم المنن الجسام في رقاب الأولين والآخرين من أهل السعادة.
وسد سبحانه جميع الطرق بينه وبين العالمين فلم يفتح لأحد قط إلا من طريقهم وبابهم، وخصهم سبحانه بالعلم بما لم يخص به أهل بيت سواهم من العالمين.
فلم يطرق العالم أهل بيت أعلم بالله وأسمائه وصفاته، وأحكامه وأفعاله، وثوابه وعقابه، وشرعه ومواقع رضاه وغضبه، ومخلوقاته وملائكته منهم.
فسبحان من جمع لهم علم الأولين والآخرين، وخصهم بالدعوة إلى توحيد الله ومحبته، ومكن لهم في الأرض، واستخلفهم بها، وأطاع لهم أهل الأرض ما لم يحصل لغيرهم.
وأيدهم ونصرهم وأظفرهم بأعدائه بما لم يؤيد غيرهم.
ومحا بهم من آثار أهل الضلال والشرك والآثار التي يبغضها الله ويمقتها ما لم يمحه بسواهم.
وجعل عزَّ وجلَّ آثارهم سبباً لبقاء العالم وحفظه، فلا يزال العالم باقياً ما بقيت آثارهم في الأرض وشرائعهم.