وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» متفق عليه (?).
ولهذا كانت عقوبة الشيخ الزاني، والملك الكذاب، والفقير المختال أشد العقوبة؛ لسهولة الصبر عن هذه الأشياء المحرمة عليهم، لضعف دواعيها في حقهم، فتركهم الصبر عنها مع سهولته عليهم دليل على تمردهم على الله، وشدة عتوهم عليه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ (قال أبُو مُعَاوِيَةَ: وَلا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ) وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ» أخرجه مسلم (?).
ولهذا كان الصبر عن معاصي اللسان والفرج من أصعب أنواع الصبر، لشدة الداعي إليهما وسهولتهما.
فإن معاصي اللسان فاكهة الإنسان كالغيبة والنميمة، والكذب والمراء، والثناء على النفس، والطعن على من يبغضه، والثناء على من يحبه ونحو ذلك.
فتتفق قوة الداعي، وتيسر حركة اللسان، فيضعف الصبر.
ولهذا تجد الرجل يقوم الليل، ويصوم النهار، ومع ذلك يطلق لسانه في الغيبة والنميمة، ويتفكه في أعراض الخلق.
وكثير من نجده يتورع عن الدقائق من الحرام، ولا يبالي بارتكاب الفرج الحرام لقوة الداعي إليهما وسهولتهما.
ولهذا سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: «الْفَمُ وَالْفَرْجُ» أخرجه الترمذي وابن ماجه (?).
وقد أمر الله عزَّ وجلَّ بالصبر وعلق الفلاح به فقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)} [آل عمران: 200].