من ذكر الله وطاعته.
فكلما اعترضه صب عليه سياط الذكر والتوجه والاستغفار والطاعة، فشيطانه معه في عذاب شديد.
أما شيطان الكافر فهو معه في راحة ودعة، ولهذا يكون قويًا عاتيًا شديدًا، لأنه مطاع فيما يأمر به من المعاصي والمنكرات، فمن لم يعذب شيطانه بذكر الله في الدنيا وتوحيده واستغفاره وطاعته، عذبه شيطانه في الآخرة بعذاب النار.
فلا بدَّ لكل أحد أن يعذب شيطانه .. أو يعذبه شيطانه .. وأنت أحدهما ولا بد.
والشر نوعان:
شر من داخل النفس .. وشر من خارج النفس.
وسورة الفلق تضمنت الاستعاذة من الشر الخارجي، وهو ظلم الغير له، كما قال سبحانه: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)} [الفلق: 1 - 5].
والشر الخارجي الذي أمر العبد أن يستعيذ بالله منه أربعة أقسام:
الأول: الاستعاذة من كل شر في أي مخلوق قام به الشر من إنسان أو غيره من جن أو حيوان أو هامة أو دابة أو ريحًا أو صاعقة أو غيرها.
الثاني: شر الغاسق إذا وقب، وهو الليل إذا أظلم، والقمر علامته، وهو محل سلطان الأرواح الشريرة الخبيثة، وفيه تتسلط شياطين الإنس والجن ما لا تتسلط في النهار، والفلق هو الصبح الذي يطرد الظلام.
الثالث: شر النفاثات في العقد، وهي الأرواح الشريرة، والأنفس الخبيثة، فإذا تكيفت نفسه بالخبث والشر الذي يريده بالمسحور، ويستعين عليه بالأرواح الخبيثة، نفث في تلك العقد فيقع السحر.
الرابع: شر الحاسد إذا حسد من الإنس والجن، وكل عنده حسد، ولكن المؤمن يدفعه، والحاسد عدو النعم يتمنى زوالها.