إن هذا الدين العظيم الذي أنزله الله أمانة، وأمر الدين والعقيدة جد خالص، حازم جازم، جد كله لا هزل فيه، ولا مجال فيه للهزل واللعب.
جد في الدنيا .. وجد في الآخرة .. وجد في ميزان الله وحسابه .. جد لا يحتمل التلفت عنه هنا أو هناك، قليلاً ولا كثيراً.
وأي تلفت عنه من أي أحد، أو إدخال فيه ما ليس منه، يستنزل غضب الله الصارم، وأخذه الحاسم، ولو كان الذي يتلفت عنه هو الرسول، فالأمر عظيم أكبر من الرسول، وأكبر من البشر، إنه الحق الذي لا تستقيم الحياة إلا به، الحق من رب العالمين: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)} [الحاقة: 44 - 47].
فمتى يشعر الإنسان بعظمة القاهر الجبار؟.
ومتى يحس بضآلة نفسه أمام قدرة الله التي لا يقف لها شيء؟.
ومتى يقدر عظمة الأمانة التي تحملها؟.
إن الله قادر على أخذه أخذاً شديداً في الدنيا والآخرة، عندما يحيد أو يتلفت عن هذا المنهج الذي يريده الله للبشرية، ممثلاً فيما يجيء به الرسل من الحق والعقيدة والشريعة.
فهذا المنهج وهذا الحق لا يجيء ليهمل ولا ليبدل، إنما يجيء ليطاع ويحترم، ويقابل بالاستجابة والتقوى، وإلا فهو الأخذ والقصم، وهناك الهول والروع فقد: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (4) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5) وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8) وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (9) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (10)} [الحاقة: 4 - 10].
فثمود كذبوا رسولهم، فأخذهم الله بالصيحة الطاغية.
وعاد كذبوا رسولهم، فأخذهم بريح صرصر عاتية.