مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56)} [التوبة: 56].

ليس في قلوبهم شجاعة، يخافون إن أظهروا حالهم من المؤمنين، ويخافون أن تتبرؤوا منهم فيتخطفهم الأعداء، قد جمعوا بين رذيلتين: رذيلة الكذب، ورذيلة الجبن، فما أشد خوفهم وجبنهم: {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57)} [التوبة: 57].

إن أصاب المؤمنين عافية ونصر، ساءهم ذلك وغمهم، وإن أصابهم ابتلاء من الله، وامتحان يمحص قلوبهم، ويكفر به عنهم سيئاتهم أفرحهم ذلك وسرهم: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)} [آل عمران: 120].

ثقلت عليهم النصوص فكرهوها، وأعياهم حملها فألقوها ووضعوها، وتفلتت منهم السنن فلم يحفظوها، ولم يعملوا بها، فأحبط الله أعمالهم: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9)} [محمد: 9].

وهؤلاء المنافقون متفقون تماماً مع أعداء الله ورسوله في محاربة الإسلام وأهله، ينفذون من ذلك ويظهرون حسب الظروف المناسبة: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26)} [محمد: 26].

أسروا سرائر النفاق، فأظهرها الله على صفحات الوجوه منهم، وفلتات اللسان: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)} [محمد: 29، 30].

فكيف بهم إذا جمعوا ليوم التلاق، وتجلى الله جل جلاله للعباد، وعُرضت أعمالهم عليهم في المعاد؟: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)} [القلم: 43].

وكيف بهم إذا حشروا إلى جسر جهنم وهو مظلم لا يقطعه أحد إلا بنور يبصر به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015