فيفعله، وماذا يغضبه فيتقيه.

والمخلوقات كلها أولها وآخرها، وصغيرها وكبيرها، لا تنفع ولا تضر إلا بإذن الله، وهي كالميت لا تعمل ولا تتحرك إلا بإذن الله، ومثالها كالحجر لا ينفع ولا يضر ولا يتحرك إلا إذا جاءت قوة خارجة أقوى منه فحركته، وهكذا كافة المخلوقات لا تنفع ولا تضر إلا بإذن الله وإرادته.

والمخلوقات قسمان:

شكل للنفع كالطعام والماء .. وشكل للضرر كالنار والسم.

وكل المخلوقات لا تنفع ولا تضر إلا بإذن الله لا بذاتها، وهي مملوكة مأمورة مدبرة.

فالنَّار التي ألقي فيها إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - مظهر للضرر، ولكن لما جاء إليها أمر الله لنصرة وليه، قلب حالها الذي خلقها، فصارت نافعة، وكانت برداً وسلاماً على إبراهيم.

والماء الذي يشربه قوم نوح مظهر للنفع، فجاء إليه أمر الله بالضرر فأغرق من كفر واستكبر من قوم نوح.

فالطيبات كلها أشكال للنفع، فإذا جاء إليها أمر الله بالضرر انقادت وأطاعت فضرت بإذن الله من شاء الله.

والطعام وإن جعله الله شكلاً للنفع، فهو لا ينفع ولا يضر بنفسه، فهو مخلوق ليس بيده شيء.

يأكله الصغير فيكبر، ويأكله الضعيف فيسمن، ويأكله الكبير فيضعف، ويأكله الشاب فأحياناً يزيد، وأحياناً ينقص، وأحياناً لا يزيد ولا ينقص، فالفعال هو الله وحده لا شريك له.

والطعام خلقه الله، وأنعم به على خلقه، وهو سبب يتلذذون به، ويمتثلون أوامر الله عند أكله، وهو مملوك مربوب لا ينفع ولا يضر كغيره إلا بإذن الله.

والخبائث والمؤذيات والمهلكات كلها أشكال للضرر، فإذا جاء إليها أمر الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015