لقد أنشأ قرار الأمم المتحدة رقم 194 لسنة 1948 القاضي بعودة اللاجئين كياناً خاصاً لترتيب أمور العودة، عُرف باسم «هيئة التوفيق في فلسطين» ، أُنيطت بذلك الكيان أيضاً عملية اقتراح تسوية نهائية للقضية. وبعد ذلك بقليل أنشأت الأمم المتحدة وكالة غوث اللاجئين (الأونروا) ، التي لا نظير لها إلى الآن، للعناية بأمر اللاجئين الفلسطينين في مخيماتهم. ولا تزال هيئة التوفيق قائمة من الناحية القانونية، ومكاتبها موجودة في الأمم المتحدة، لكن كل أنشطتها مجمدة، حتى لم يَعُد أحد يأتي لها على ذكر.
وكانت هيئة التوفيق هذه قد سعت منذ بداية الخمسينيات إلى أداء المهمة الموكولة إليها، فعرضت مرة، بناءً على طلب العرب، العودة الفورية لـ 200 ألف لاجئ على الأقل، إلى الأراضي التي احتلتها إسرائيل زيادة على مشروع التقسيم لعام 1947. لكن قادة الصهاينة رفضوا الفكرة. وفي وقت لاحق، وبضغط أمريكي، وافقت إسرائيل من حيث المبدأ على إرجاع 100 ألف لاجئ في إطار معاهدة سلام شاملة مع العرب، وحينما أبدى العرب استعداداً لذلك، ردت إسرائيل قائلة إن العدد انخفض إلى 65 ألفاً، وزعمت أن 35 ألفاً "تسللوا" إلى ديارهم، ووضعت تحفظات عدة على العدد الباقي، وهو ما أفرغ الاقتراح من مضمونه، وأجهض الفكرة.
لم يكن مستغرباً أن تسعى إسرائيل بكل وسيلة وحيلة للتهرب من التزامها بإعادة اللاجئين والاستجابة للقرارات الدولية في هذا الصدد، فالمشروع الصهيوني هو في الأساس مشروع طرد ونفي الشعب الفلسطيني.
ولأن الحق مقدَّس، لا يمكن التنازل عنه أو تعويضه بأيِّ مقابل، فلا مجال للتساؤل عما إذا كان يتعيَّن عودة اللاجئين أم لا، حيث الأصل هو وجوب العودة، ولا يجوز بأيِّ معيار أن يُفتَح باب مناقشة السؤال «هل؟» ، وأسخف منه وأقبح السؤال «لماذا؟» وإنما السؤال المشروع هو «كيف؟» .