ويكتب نفس الكاتب مقالاً فكاهياً آخر، يُعلق فيه على مصير الصهيونية ككل ووضعها وما آلت إليه. وعنوان المقال هو «الصهيونية الخالدة» والمقال عبارة عن حوار بين متشائم ومتفائل. وحين يعلن الأول عن موت الصهيونية يؤكد له الثاني خلودها ثم يقدم له الأدلة الدامغة والبراهين القوية، مؤكداً له أن الهجرة الصهيونية من الولايات المتحدة لا تزال على قدم وساق". وبنبرة كلها يقين يقول "إن القنصلية الإسرائيلية في نيويورك أرسلت مائة نعش - إذ أن يهود أمريكا يحبون أن يُدفَنوا في إسرائيل" (وهذه ليست نكتة وإنما حقيقة تشكل استمراراً للتقاليد الدينية اليهودية) . المهاجرون يحضرون إذن - كما يقول المتفائل - ولكن في قسم البضائع، والتظاهرات الصهيونية لا تزال تُعقَد ولكن في مكاتب الجنازات، وهي تطرح الشعار التالي: "اعطوني المؤمَّن عليهم، الموتى، الموميات، التي تود أن ترقد حرة" (وهذه معارضة ساخرة للشعار المكتوب على قاعدة تمثال الحرية في الولايات المتحدة) . "ورغبة يهود أمريكا أن يُدفَنوا في إسرائيل تقوم دليلاً على أنهم قد يعمدون بوجودهم الزمني أو الدنيوي للولايات المتحدة، ولكن حينما يتصل الأمر بالأبدية فإنهم يعرفون أن وطنهم الحقيقي هو إسرائيل. ومن هنا «الصهيونية الخالدة» . "كان بوسعهم أن يُدفَنوا في إحدى المناطق كثيفة الأشجار في الولايات المتحدة، ولكنهم يفضلون الريادة في أرض الميعاد بين شعبهم في تابوت خشبي ... ويا لهم من مهاجرين مخلصين.. لا تراهم قط يتألمون من مفارقة أوطانهم ولا من أنه لا يوجد «كنتاكي فرايد تشيكن» في إسرائيل، بل إنك لا تراهم على الإطلاق، حمداً للسماء كنا نظن أن الهجرة من الولايات المتحدة قد انتهت ... ولكننا نعرف الآن الحقيقة ... إن الأمريكيين يموتون من أجل الحضور لإسرائيل".
الحمائم والصقور والنعام والطيور الإدراكية الأخرى: الاستجابة الاسرائيلية للانتفاضة