ولذا نجد أن العسكريين الذين يعملون من خلال هيئة أركان عسكرية مركزية يهيمنون على التخطيط الإستراتيجي بل يحتكرونه. فهذه الهيمنة هي التي تضع التخطيط الإستراتيجي وتتخذ الخطوات التكتيكية. وباستثناء العسكريين في الاتحاد السوفيتي السابق، يمكن أن يُقال إن الجيش الإسرائيلي هو المؤسسة العسكرية الوحيدة في العالم التي لديها سلطة تامة تقريباً في المسائل الإستراتيجية والتكتيكية. وقد تحولت وزارة الدفاع الإسرائيلية إلى أهم مركز من مراكز القوى في إسرائيل. وازدادت أهمية هذه الوزارة في أعقاب عدوان 1967، واقترنت في الغالب بقوة أعلى منصب رسمي في إسرائيل، أي منصب رئيس الوزراء، حيث إن كثيراً من رؤساء الوزراء يأتون عن طريق وزارة الدفاع وغالباً ما يحتفظون بها إلى جانب رئاسة الوزارة. ولعل مثال ذلك بن جوريون وتَمسكه بالمنصبين طوال حياته، وكذلك بيجين ثم إسحق رابين الذي اغتيل وهو يجمع بين المنصبين.

وتُعَد العلاقات بين الثالوث (رئيس الوزراء ـ وزير الدفاع ـ رئيس الأركان) محور العلاقات المدنية العسكرية، وأي انهيار فيها يؤدي إلى نتائج مأساوية. وقد حدث ذلك مرتين في تاريخ إسرائيل عام 1954 بين شاريت ولافون وديان، وفي عام 1981 ـ 1983 بين بيجين وشارون وإيتان. وهناك دلائل تشير إلى وجود توترات في العلاقة بين المؤسسة العسكرية ونتنياهو، كما سنبين فيما بعد. ولكن التنافس غالباً ما يكون بين وزير الدفاع ورئيس الوزراء، بينما يقوم رئيس الأركان بالميل لرأي أحدهما ليقويه أمام نده.

وقد سعت الأحزاب الإسرائيلية، وبصفة خاصة بعد حرب 1967، لضم القادة العسكريين اللامعين إليها بهدف الحصول على أكبر قدر ممكن من الأصوات، وهكذا كانت الاتصالات تجرى مع هؤلاء القادة قبل تركهم مناصبهم. وجاء قرار الكنيست عام 1973 بإباحة اشتراك القادة العسكريين في الانتخابات ليتوج الدور السياسي للقادة العسكريين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015