ويختلف الخط الإعلامي الصهيوني في ألمانيا النازية عنه في أوساط المثقفين الاشتراكيين أو في أوساط الرأسماليين الأمريكيين. ولعل هذه الصفة الحربائية (التي تدل على الكفاءة) تظهر أكثر ما تظهر في الدعاية الصهيونية الموجهة للعرب. فقبل عام 1948، كان الحديث عن ضرورة اقتسام فلسطين مع العرب. ولكن هذا الحديث يختفي تماماً بعد ذلك التاريخ، بل إن الدعوة إلى التقسيم أصبحت تطرفاً وإرهاباً وتهديداً للبقاء اليهودي. ومع هذا، يُلاحَظ أن الدعاية الصهيونية/الإسرائيلية اتخذت، حتى عام 1956، موقف الدفاع عن الذات اليهودية وعن الدولة اليهودية، ويتمثل هذا في عدم تشويه الطابع القومي العربي، بل لا تتردد هذه الدعاية في تذكير العرب بالأصل المشترك مع اليهود. أما بعد حرب 1956، فقد انتقلت الدعاية إلى موقع الهجوم بتشويه الطابع القومي للعرب وتضخيم فضل العنصر اليهودي على العالم. وفي مرحلة 1967، انتقلت هذه الدعاية إلى أسلوب الاستفزاز بتأليه الطابع اليهودي والحديث عن السلام العبري وضرورة فرضه على المنطقة، والإلحاح على إسرائيل كدولة وظيفية قادرة قوية وكذراع للمصالح الغربية بالمنطقة ضد القومية العربية.

وفي المرحلة الممتدة من كامب ديفيد إلى أوسلو التي واكبت سقوط الاتحاد السوفيتي وتقهقُر القومية العربية وظهور منظمتي حماس والجهاد الإسلامي، بدأت إسرائيل تتبنى منطقاً إعلامياً جديداً وهو الدفاع عن النظام العالمي الجديد وتأكيد الروابط الاقتصادية بين إسرائيل ودول الشرق الأوسط (الدول العربية سابقاً) والهجوم على الحركات الإسلامية وإعادة إنتاج صورة الإسرائيلي باعتباره خبيراً اقتصادياً مرناً متفاهماً، وباعتباره فنياً لا يكترث كثيراً بالأبعاد الأيديولوجية، بعد أن كان مقاتلاً في جيش ذي ذراع طويلة تمتد لتصل إلى الجميع.

ومع هذا، ثمة موضوعات أساسية في الدعاية الصهيونية نوجزها فيما يلي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015