غير أنه ومنذ منتصف السبعينيات ومع الأزمة الاقتصادية التي شهدتها إسرائيل في أعقاب حرب 1973، بدأ اهتزاز نموذج الصهيونية العمالية وتعالت الأصوات منادية بتطبيع الاقتصاد الإسرائيلي، الأمر الذي انعكس بطبيعة الحال على السياسة الخارجية الإسرائيلية، باعتبار أن هذه السياسة هي، في التحليل الأخير، دالة في مجموعة من المتغيرات المتعلقة بالقدرات الذاتية للدولة، والظروف الدولية، وإدراك النخبة الحاكمة لهذه القدرات وتلك الظروف.

وتزامن ذلك مع حدوث مجموعة من المتغيرات استوجبت أن تشمل عملية إعادة النظر في نموذج الصهيونية العمالية السياسة الخارجية: فمن ناحية جاء التحدي العربي غير النظامي ليطرح التساؤل حول كفاءة الأداة العسكرية الإسرائيلية في تحقيق الأمن. فإسرائيل في لبنان قامت، لأول مرة في تاريخها، بانسحاب منفرد من أراض احتلتها، والانتفاضة الفلسطينية طرحت الشكوك، في ظل عجز الجيش عن إخمادها، حول قدرة الأداة العسكرية (التي نجحت بشكل عام في مواجهة التحديات النظامية) على مواجهة التحدي غير النظامي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015