وفيما يتصل بطبيعة الكيان الصهيوني وحدوده فقد كان هناك اختلاف بين تيارين داخل المعسكر العمالي وذلك رغم الاتفاق العام بين الأحزاب الصهيونية كافة على المبادئ الأساسية للمشروع الصهيوني. فالتيار الأول ويمثله الماباي كان يُخضع تلك المبادئ لضرورات ومتطلبات المراحل التي يمر بها المشروع الصهيوني. ولذا كان يطالب بضرورة اتباع خط براجماتي يتعامل مع الوضع المحلي والدولي بشكل يمكِّنه من تسخيرهما في كل مرحلة لخدمة المشروع؛ ولذلك فهو لم يعلن في أيِّ وقت حدود مشروعه الجغرافية والسياسية أو السكانية، ووافق على قرار التقسيم عام 1947 على أن يتم تقوية المستوطن الصهيوني وتوسيعه بعد ذلك. أما التيار الثاني فيمثله المابام وقد رفض فكرة التقسيم، وطرح فكرة الدولة ثنائية القومية بين العرب واليهود.
ويوضح تطور موقف حزب المابام ورؤيته لطابع الدولة الإسرائيلية والموقف من القضية الفلسطينية اتجاهه نحو التقارب مع رؤية الماباي. فقد وافق المابام، في نهاية الأمر، على قرار التقسيم، وقبل أيضاً بعدم تحديد حدود الدولة. ولذلك فالنهج السائد بين الماباي والمابام هو نهج واحد، جوهره رفض تعريف الحدود السياسية، تمشياً مع النهج القائم على فرض سياسة الأمر الواقع وتنشيط الاستيطان. أما بخصوص المشكلة السكانية فقد تقبل المابام رؤية الماباي القائمة على اعتبار القضية الفلسطينية قضية لاجئين، يعتمد حلها على اتفاق سلام مع الأردن يقوم على أساس قيام دولتين هي إسرائيل من جهة ودولة أردنية فلسطينية من جهة أخرى. ولكنه مع هذا ظل مختلفاً مع الماباي بدعوته إلى عودة نسبة معينة من اللاجئين وإلى توطين الباقين في البلاد العربية. ثم تطورت رؤيته بعد حرب 1967 نحو تبنِّي رؤية حزب العمل تماماً، فتلاشت الفوارق بينهما تماماً، واتحدا في تجمُّع المعراخ عام 1969، مع محافظة المابام على حقه في التصويت في بعض القضايا المهمة بالنسبة له.