ولابد من الحديث عن علاقة رأس المال الخاص في إسرائيل بالهستدروت، فنجد أنه في عام 1960 كان القطاع الخاص في إسرائيل يساهم بـ 58.5% من الإنتاج، وكان القطاع العام يساهم بـ 21.1%، والهستدروت 20.4%. وفي عام 80 / 81 ساهم القطاع الخاص بـ 54% والقطاع العام بـ 24% والهستدروت 22%، وفي التسعينيات زادت نسبة مشاركة القطاع الخاص. ولكن مساهمة الهستدروت في الإنتاج الصناعي تتم أيضاً من خلال القطاع الخاص إذ يمتلك الهستدروت 50% من مؤسساته مناصفة مع بعض شركات القطاع الخاص، أي أن مساهمته الحقيقية في الإنتاج هي 10% وحسب. ولا تزيد اليد العاملة التي يستخدمها عن 17.5% (1965) . وحسب هذه الخريطة لم يكن بُد أن يهيمن القطاع الخاص على الحكم في إسرائيل وأن تُطرَد البيروقراطية العمالية، ولكن تكوين إسرائيل الاستيطاني يفرض على الطبقة الرأسمالية (وتنظيماتها الحزبية) أن تظل في المرتبة الثانية (على عكس البنى الاستيطانية الأخرى مثل جنوب أفريقيا وروديسيا حيث يستولى الرأسماليون دائماً على الحكم) . وهذا يرجع لخصوصية الاستيطانية الصهيونية فهي استيطانية/إحلالية طردت السكان الأصليين وهو ما جعلها تخلق طبقتها العاملة والزراعية الخاصة (على عكس الطبقات الحاكمة في جنوب أفريقيا التي تشكل طبقة من الرأسماليين والملاك الزراعيين) ، كما أن الاستيطانية الصهيونية مُموَّلة من الخارج عن طريق الجماعات اليهودية في العالم والدول الإمبريالية (على عكس جنوب أفريقيا وروديسيا) . كل هذا يساعد على إحكام هيمنة البيروقراطية العمالية متمثلة في الهستدروت على المجتمع الإسرائيلي، وهو ما يعوق نشوء طبقة رأسمالية محلية تلعب دوراً قيادياً. بل إننا نجد أن الهستدروت يؤثر بصورة مباشرة وغير مباشرة في القطاع الخاص الإسرائيلي (وفي بناء المجتمع الاقتصادي ككل) . فالهستدروت يتحكم في الأجور وغالباً ما يعمد إلى تعديلها في ضوء ارتفاع تكاليف المعيشة وليس في ضوء