ويمكن النظر للهستدروت على أنه تنظيم اقتصادي يأخذ "شكلاً جماعياً" لمساعدة التجمع الاستيطاني/الصهيوني بعماله ورأسمالييه، وهو تجمُّع لا يمكن أن يأخذ شكلاً رأسمالياً تقليدياً بسبب وضعه الشاذ في المنطقة إذ أن عليه أن يخوض الحرب تلو الحرب للدفاع عن نفسه وبالتالي عليه أن يجند المستوطنين دائماً في تنظيمات عسكرية اقتصادية متماسكة، وهو ما يفرض أشكالاً جماعية قد تشبه التنظيمات الاشتراكية من بعض النواحي، ولكنها خالية من أي محتوى إنساني ثوري. ومما دعِّم هذه الأشكال الجماعية أن المنظمة الصهيونية العالمية وصهاينة العالم لا يمكنهم التعامل مع رأسماليين إسرائيليين مباشرةً، بل لابد أن تتعامل المؤسسات مع مؤسسات مثلها، فيقوم الهستدروت بتلقِّي المساعدات، وتوزيعها على كل طبقات الكيان الصهيوني عمالاً ورأسماليين، أي أن الأشكال الجماعية التي يمثلها الهستدروت لا علاقة لها بأية منطلقات ثورية إنسانية، وإنما هي جزء من استيطانيته. ولعل أكبر دليل على ذلك أن كل اتجاه صهيوني، بغض النظر عن انتمائه الأيديولوجي قبل إنشاء الدولة، كان يحاول أن يكون له "هستدورته الخاص" به. فيوجد هستدروت للصهاينة التصحيحيين، وآخر للدينيين، تماماً كما كان هناك تنظيم عسكري للعماليين وآخر للتصحيحيين. وقد استمرت بعض هذه الهستدروتات بعد إنشاء الدولة. ثم انضمت له عام 1965 للاستفادة من نشاطاته وخدماته ومحاولة التأثير فيه من الداخل دون أن تغيِّر آراءها فيما يتعلق بدوره. ومما يدل أيضاً على أن الأشكال الجماعية التي يدعو لها الهستدروت لا علاقة لها بالاشتراكية وإنما هي جزء من دوره الاستيطاني (والاستيعابي فيما بعد) أن حزب حيروت الذي يمثل أيديولوجية الاقتصاد الحر عضو في الهستدروت ويحررز انتصارات لا بأس بها، وأن حزب الأحرار الرأسمالي والأحزاب الدينية كلها ممثلة داخل الهستدروت.