وُلد تيودور هرتزل عام 1860 لأب تاجر ثري. وكان يحمل ثلاثة أسماء، أهمها اسمه الألماني «تيودور» ، وثانيها اسمه العبري «بنيامين زئيف» ، وثالثها اسمه المجري «تيفا دارا» . والتحق تيودور الصغير بمدرسة يهودية وعمره ست سنوات لمدة أربعة أعوام انقطعت بعدها علاقته بالتعليم اليهودي. ولذا، لم يُقدَّر له أن يَدرُس العبرية، بل لم يكن يعرف الأبجدية نفسها. والتحق بعد ذلك بمدرسة ثانوية فنية، ومنها التحق بالكلية الإنجيلية 1876 وعمره 15 سنة (أي أنه التحق بمدرسة مسيحية بروتستانتية، ولعله تَلقَّى تعليماً دينياً مسيحياً هناك) ، وأنهى دراسته عام 1878. وكانت أسرة هرتزل مجرية النسب. إلا أنها، ضمن مجموعة من اليهود، قاومت عملية المجيرة (أي صبغها بالصبغة المجرية) واحتفظت بولائها لألمانيا (مثل كثير من يهود المجر: ماكس نوردو وجورج لوكاش وغيرهما) . ولذا، نزحت الأسرة إلى فيينا عام 1878. وكان عدد اليهود في فيينا آنذاك (1881) لا يزيد على عشرة آلاف يهودي، ولكن تَعثُّر التحديث في شرق أوربا أدَّى إلى دَفْع جحافل اليهود إلى وسط وغرب أوربا بحيث بلغ عددهم عام 1899 ما يزيد على 100 ألف، أي أنهم زادوا عشرة أضعاف خلال أقل من عشرة أعوام.
التحق هرتزل بجامعة فيينا وحصل على دكتوراه في القانون الروماني عام 1884 وعمل بالمحاماة لمدة عام، ولكنه فضل أن يكرس حياته للأدب والتأليف. ومع هذا، ظلت عقليته أساساً عقلية قانونية تعاقدية، فنشر ابتداءً من عام 1885 مجموعة من المقالات، وكتب بعض المسرحيات التي لم تلاق نجاحاً كبيراً من أهمها مسرحية الجيتو الجديد (1894) التي تقدم صورة متعاطفة مع بطلها، إلا أنها تقدم اليهود من خلال الأنماط المعروفة في تراث معاداة اليهود في الغرب. وتنتهي المسرحية بأن يطلب البطل الخروج من الجيتو العقلي المضروب حوله، ولكنه في الوقت نفسه يؤكد استحالة هذه العملية.