ورواية الأرض القديمة الجديدة لا تختلف كثيراً عن دولة اليهود، فهي مكتوبة بالطريقة المراوغة نفسها التي تسم الخطاب الصهيوني. بل يمكن القول بأن المراوغة في الرواية (وخصوصاً بالنسبة للسكان الأصليين) أكثر صقلاً وعمقاً، فبينما يكتب هرتزل عن اشتراك السكان الأصليين في المجتمع الجديد وعدم استبعادهم، كان يدوَّن في مذكراته الطرق التي سيتم بها طردهم. ولكن الرواية كانت للنشر الواسع، بينما كانت المذكرات مُستودَع الأفكار الحقيقية والأمنيات التي تعبِّر عن الرؤية.

وقد تأثرت معظم الكتابات الطوباوية الصهيونية بمؤلَّف الكاتب الأمريكي إدوارد بيلامي (1850 ـ 1898) المسمَّى النظر للخلف 1887 ـ 2000 الذي يضع يوتوبيا اشتراكية. ومن الكُتَّاب الصهاينة الذين تأثروا بهذا الكتاب ماكس أوستربرج فيراكوف ـ وهو كاتب من أصل يهودي، كتب قصة اسمها الدولة اليهودية عام 6000 (2441) ونشرها عام 1893. والقصة تتحدث عن إقامة دولة يهودية في فلسطين وعلاقتها بالدول الخارجية التي اضطهدت اليهود، وعلاقة اليهود في تلك الدولة بيهود الشتات. وقد تأثر الحاخام الإنجليزي الأمريكي هنري منديس برواية بيلامي وألَّف على منوالها قصته النظر للأمام (1899) ـ حيث تصوَّر الدولة اليهودية وعاصمتها القدس كمركز لسلام العالم وكمدرسة لتعليم البشرية كيفية التصرف السليم. وهي تتصور أيضاً حركة طرد/هجرة يهودية جماعية من أوربا إلى فلسطين.

ومن القصص الطوباوية الطريفة في هذا الصدد قصة معاداة الأغيار في صهيون لليهودي الجزائري جاك باهار عام 1898. وقد كان الكاتب ممثلاً للجماعة اليهودية الجزائرية في المؤتمر الصهيوني الأول (1897) . يتخيل الكاتب وجود دولة تتم فيها محاكمة شخص غير يهودي بتهمة تماثل تهمة دريفوس في فرنسا، ويؤكد الطابع المتسامح للدولة اليهودية على عكس الدولة الكاثوليكية في فرنسا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015