وتعبِّر فكرة اليهودي الخالص عن نفسها في فكرة الدولة اليهودية الخالصة الخالية من أية عناصر غير يهودية وفي التركيز المستمر على قضية اضطهاد اليهود في كل زمان ومكان. وقد حاول وايزمان أن يبلور هذه الفكرة من خلال صورة مجازية إذ قارن بين "اليهودي الخالص" والحيوانات التي تحيا حياة سعيدة في حديقة الحيوان (في جنوب أفريقيا) : "ها هي ذي في موطنها، الذي تقل مساحته قليلاً عن مساحة فلسطين، تنعم بالحرية، وتقدِّم لها الطبيعة هباتها بسخاء، ولا تواجهها مشكلة العرب". وحتى لا يترك أي مجال للشك لدى قارئه، يعمم القضية على كل اليهود: "لا شك أنه أمر رائع أن يكون المرء حيواناً في حديقة الحيوانات بجنوب أفريقيا. فذلك أفضل له كثيراً من أن يكون يهودياً في وارسو أو حتى في لندن". والصورة المجازية التي يستخدمها وايزمان تدل على غبائه الشديد، ولكنها مع هذا ذات دلالة، فالحيوان في حديقة الحيوان يشبه اليهودي الخالص في دولته اليهودية، وهذا ما يفتقده اليهودي في فلسطين ووارسو ولندن!

كما أن التركيز على قضية البقاء اليهودي المهدد دائماً إما من خلال الإبادة المباشرة (الهولوكوست ـ أفران الغاز) أو من خلال الاندماج وفقدان الهوية هو تعبير عن مفهوم اليهودي الخالص. وينبع النقد الصهيوني للشخصية اليهودية في المنفى (باعتبارها شخصية جيتوية هامشية طفيلية) من مفهوم اليهودي الخالص هذا.

3 ـ عبء اليهودي الاشتراكي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015