والاعتذاريات التي تنطلق من مقولة عبء الرجل الأبيض موجَّهة بالدرجة الأولى للدول الإمبريالية ولشعوبها. وفي هذا الإطار طرحت إسرائيل نفسها باعتبارها دولة وظيفية غربية (بيضاء) نظيفة متقدمة، قاعدة للديموقراطية الغربية تحمي المصالح الإستراتيجية الغربية وتقف بحزم وصرامة ضد القومية العربية (في عصر النظام العالمي القديم) وضد الحركات الإسلامية (في عصر النظام العالمي الجديد) .

ويؤكد الكثير من تصريحات الصهاينة أنهم لا يعتبرون أنفسهم كياناً عنصرياً منفصلاً فحسب، بل يعتبرون أنفسهم أعضاء في الجنس الأبيض. وفي عام 1917، كتب الزعيم الصهيوني بن جوريون مقالاً تحت عنوان "في يهودا والجليل" وصف فيه المستوطنين الصهاينة في فلسطين لا بوصفهم عاملين في هذه الأرض فحسب، بل على أنهم غزاة لها، "لقد كنا جماعة من الفاتحين". وفي مقال آخر بعنوان: "الحصول على وطن قومي" كتبه عام 1915، قارن بن جوريون بين الاستيطان الصهيوني والاستيطان الأمريكي في العالم الجديد، مستحضراً صورة المعارك العنيفة التي خاضها المستوطنون الأمريكيون ضد الطبيعة الوحشية، وضد الهنود الحمر الأكثر وحشية. ومما له مغزاه أنه ساوى بين الطبيعة وبين الهنود، بل وضعهم في مرتبة أدنى إذ هم أكثر وحشية منها. والواقع أن هذه الواحدية الكونية تؤدي إلى تجريد الإنسان وتحويله إلى مجرد جزء من دورات الطبيعة، الأمر الذي يجعل إبادته أو نَقْله أمراً مقبولاً بل مرغوباً فيه، أما وايزمان فقد فضَّل في كتابه المحاولة والخطأ أن يقارن بين المستوطنين الصهاينة من جهة والمستوطنين الفرنسيين في تونس والمستوطنين البريطانيين في كندا وأستراليا من جهة أخرى، كما أظهر أيضاً تعاطفاً ملحوظاً إزاء المستوطنين في جنوب أفريقيا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015