وثمة اتجاه في التفكير الصهيوني يَقصُر لفظ «يهودي» على اليهود البيض وحدهم، أي الإشكناز. وقد أفصح روبين عن هذه الفكرة بصراحة بالغة في كتابه آنف الذكر، حيث يناقش أثر الحركة الصهيونية في وعي كثير من اليهود الغربيين، وكيف أن محاولات الاستيطان الصهيونية كانت تستهدف أساساً تجنيد اليهود الأوربيين، لا اليهود الشرقيين، رغم أن تجنيد وتوطين اليهود الشرقيين (من اليمن والمغرب وحلب [سوريا] والقوقاز) في المستعمرات الزراعية كان أكثر سهولة ويسراً.
وقد ذكَّر روبين قارئه بأن الإشكناز، بسبب طبيعة حياتهم في أوربا، وبسبب الاضطهاد الذي تعرَّضوا له، اجتازوا عملية طويلة من الاختيار وصراعاً مريراً من أجل البقاء، وهو صراع لا يستطيع البقاء فيه سوى الأكثر ذكاء والأكثر قوة. ولذلك تمت المحافظة على المواهب العنصرية الطبيعية العظيمة التي يتمتع بها اليهود، بل جرت تقويتها. وقد ساهمت عوامل أخرى أيضاً في تصفية غير الموهوبين، وفي الإبقاء على الأكثر موهبة، الأمر الذي شكَّل ضماناً أكيداً للتقدم الفكري للإشكناز وتفوُّقهم في النشاط والذكاء وفي المقدرة العلمية على السفارد وعلى اليهود العرب.
لكل ما تقدَّم، يرى روبين أن الحقوق التي يدَّعيها الرجل الأبيض لنفسه لا تنطبق على السفارد، وإنما تنطبق على الإشكناز وحدهم (فهم وحدهم القادرون على حمل عبء الرجل الأبيض، وعلى اغتصاب آسيا وأفريقيا) .