«الأثر» ترجمة لكلمة «تريس trace» الإنجليزية، وهو من المفاهيم الأساسية في فكر دريدا والمرتبط تمام الارتباط بمفهوم الاخترجلاف. والاخترجلاف هو القوة الكامنة في اللغة الدافعة لها والمقوضة للدلالة. ويبيِّن دريدا أن معنى الكلمة (دلالتها) ليس كامناً فيها، فهي لا جوهر لها، وإنما يتحدد من خلال الاخترجلاف. أي أن مدلول كل كلمة يتحدد من خلال غياب المدلولات الأخرى، فحضور الدال وارتباطه بمدلوله هو غياب الدوال والمدلولات الأخرى. ولكن، رغم غياب الدوال الأخرى، فإن الدال الحاضر يستدعيها عن غير وعي. ولذا، فإنني حينما أفكر في الدال الماثل أمامي وأركز عليه، أفكر عن غير وعي في الدوال الأخرى. وكل دال يحتوي على أثر من الدوال التي يختلف عنها سواء وردت قبله أم وردت بعده. ومعنى الدال غائب عنه دائماً وليس له حضور كامل قط، فهو جزء من شبكة العلاقات الدلالية (غائب/حاضر) . ومن خلال عملية الاخترجلاف عبر السنين، يحدث تراكُم للآثار. ويبدو هذا التراكم وكأنه المعنى الثابت والمستقر للكلمات، ولكنه في واقع الأمر ليس كذلك، فهو مجرد وهم ـ أثر. وتعني عبارة «سو راتير sous rature» الفرنسية (بالإنجليزية: أندر إريشر under erasure) «تحت الممحاة» أن الكلمة التي نظن أنها مُحيت وزالت تترك وراءها أثراً لا يزول ويمارس وظيفته أو آثاراً من وظيفته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015