ويرى التفكيكيون أن المعنى يتولَّد من خلال اختلاف دال عن آخر، فكل دال متميِّز عن الدوال الأخرى. ومع هذا، فثمة ترابط واتصال بين الدوال، فكل دال يتحدد معناه داخل شبكة العلاقات مع الدوال الأخرى، لكن معنى كل دال لا يوجد بشكل كامل في أية لحظة (فهو دائماً غائب رغم حضوره) إذ أن كل دال مرتبط بمعنى الدال الذي جاء قبله والذي جاء بعده، ووجوده نفسه يستند إلى اختلافه. ويضرب دعاة ما بعد الحداثة مثلاً بالبحث عن معنى كلمة في القاموس فإن أردت أن تعرف معنى كلمة «قطة» فسيتحدد معناها من خلال اختلافها مع كلمتي «نطة» و «بطة» . كما أن القاموس سيخبرنا أن «القطة حيوان» فسنذهب لكلمة «حيوان» لنعرف معناها، وهناك سنعرف أنه «كائن ذو أربعة أرجل» فسننظر لمعنى كلمتي «كائن» و «أرجل» إلى ما لا نهاية، أي أن دائرة الهرمنيوطيقا هنا دائرة مفرغة لا تؤدي إلى نهاية أو معنى فكل تفسير يؤدي إلى تفسير آخر. وهذا يعني أن مدلول أي دال مُعلَّق ومؤجل إلى ما لا نهاية، وهو ما يؤدي إلى لعب الدوال اللامتناهي (ولا يمكن أن يوقف هذه العملية سوى المدلول المتجاوز، أي الإله الذي يقف خارج شبكة لعب الدوال) .
والاخترجلاف ليس هوية أو أساساً أو جوهراً أو أصلاً وإنما هو قوة كامنة وحالة في اللغة نفسها يحركها من داخلها فيفصل الدال عن المدلول، ولذا يصبح عالم الدوال مستقلاً عن عالم المدلولات ويخلق الهوة (أبوريا) ، ومن ثم تصبح اللغة قوة لا يمكن التحكم فيها. ولأن الاخترجلاف كامن في اللغة، فليس بإمكان أي شيء أن يهرب منه، فهو ممثل الصيرورة داخل النسق اللغوي، وسيلة الإنسان الوحيدة للتعامل مع الواقع والتواصل مع بقية البشر.