وإلى جانب الإطار الثنوي والواحدي، حاول القبَّاليون حل مشكلة الشر انطلاقاً من صورة التقابل المجازية: فالعالم السفلي يتأثر بالعالم العلوي وبالتجليات المختلفة، فيأتي السلام والخير بتأثير الحسيد أو سفيروت الرحمة، والحرب والجوع بتأثير سفيروت (جبوراه) . ولكن العالم العلوي يتأثر بدوره بالعالم السفلي، فهما متقابلان. وثمة تفسير قبَّالي لقصة الشجرة التي أكل منها آدم وحواء باعتبارها الواقعة التي أدَّت إلى فصل التجليات السفلى (الملكوت) عن التجليات العليا، وإلى انفصال الإله عن الإنسان، ومن هنا تكون الخطيئة الأولى هي الانفصال الذي أدَّى إلى نفي الشخيناه (التعبير الأنثوي عن الإله) مع جماعة يسرائيل، أي أن خطيئة الإنسان قد أثَّرت في مصير الإله نفسه تأثيرها في مصير الإنسان. ومن هنا عظَم جُرم الإنسان الذي أدَّى إلى تَفتُّت الإله، ومن هنا أيضاً تأتي أهمية ممارسة الشعائر الدينية التي تجد صداها في العالم العلوي وتؤثر فيه. ولذا، يحاول أتقياء اليهود، من خلال صلواتهم وأفعالهم، أن يصلحوا الكون وأن يعيدوا الشخيناه من المنفى، وهذه هي الفكرة التي أصبحت أساسية في القبَّالاه اللوريانية ويُطلَق عليها عملية التيقون (الإصلاح) ، أي إصلاح الانفصال ورأب الصدع الذي حدث بين الإله والإنسان نتيجة خطيئة قطع الشجرة. وهذه الفكرة هي أدق تعبير عن الحلولية القبَّالية. وقد وردت في الأجاداه فكرة أن الإله يعتمد على الإنسان، بل إن الإنسان شريك الإله في عملية الخلق (ولهذا، فبوسعه التحكم في الأشياء الصالحة، ومن هنا ارتباط القبَّالاه بالسحر) . وفي القبَّالاه، تصبح مهمة الإنسان استعادة تناسق حياة الإله الداخلية التي تعتمد على إرادة الإنسان (ومرة أخرى، يبدو كلٌ من الإله والإنسان شريكاً في عملية الخلاص) . والواقع أن هناك تقابلاً بين الإله والإنسان وامتزاجاً كاملاً بينهما في الرؤية القبَّالية.