ومرحلة الهيكل الأول، فيما يذكر هؤلاء المؤرخون، تبدأ مع بناء الهيكل في عهد سليمان عام 960 ق. م أو قبل ذلك بقليل (مع بداية مؤسسة المملكة العبرانية عام 1020 ق. م أو باعتلاء داود سدة الحكم عام 1004 ق. م) ، ثم تنتهي بسقوط المملكة الجنوبية عام 586 ق. م. أما مرحلة الهيكل الثاني، فتبدأ عام 516 ق. م مع عودة اليهود من بابل إعادة تشييد الهيكل، وتنتهي بتحطيم تيتوس له عام 70 ميلادية.
وإذا كان الحديث عن الكومنولث الأول والكومنولث الثاني ينطلق من فكرة وجود اليهود ككيان سياسي مستقل، فإن تقسيم ما يُسمَّى «التاريخ اليهودي» إلى مرحلتي الهيكلين الأول والثاني يفترض أن التاريخ الديني لليهود هو الذي يقرر مسار تاريخهم بل مسار تاريخ كل سكان فلسطين من يهود وغير يهود، وهو افتراض عقائدي حلولي لا سند له في الواقع، بل يتناقض مع الصياغات التوحيدية اليهودية.
وعبارة «الهيكل الأول» و «الهيكل الثاني» تفترض وجود نمط متكرر ووجود تشابه بين النمطين، وهو أمر تنفيه الوقائع. ففي المرحلة المسماة فترة الهيكل الأول، كان العبرانيون يشكلون دولة مستقلة هي دولة سليمان وداود (المملكة العبرانية المتحدة) . ثم انقسمت هذه الدولة إلى دويلتين عبرانيتين، فاستقلت المملكة الجنوبية بالهيكل وبنى ملوك المملكة الشمالية أماكن مستقلة للعبادة. وحينما أعيد بناء الهيكل، بناء على أمر قورش، لم تُسترجع معه الحكومة العبرانية إذ صار اليهود مجرد قوم من الأقوام التابعة للدولة الفارسية يترأسهم الكهنة. وظل هذا الوضع حتى التمرد الحشموني، حين استقلت الأسرة الحشمونية وأصبح كبير الكهنة هو الملك الحشموني، وهو أمر لم يدم طويلاً إذ ظهر الرومان وبسطوا سيطرتهم على فلسطين ثم هدموا الهيكل في نهاية الأمر. ومرحلة الهيكل الأول تضم عدة فترات سياسية تختلف تماماً عن فترة الهيكل الثاني التي تضم بدورها ثلاث أو أربع فترات مختلفة.