وكوسيلة لترويس وتحديث الجماعات اليهودية، حاولت الحكومة القيصرية تحديث النظام التعليمي اليهودي التقليدي، ففرضت إشرافها على المدارس الأولية الخاصة (حيدر) وعلى معلميها، كما حاولت تغيير مناهجها وتحسين طرق التدريس فيها وتحسين الأوضاع التعليمية داخلها، إلا أن هذه المدارس كان بمقدورها تجاهل قرارات الحكومة نظراً لأنها كانت مدارس خاصة بعيدة عن قبضتها. ومع هذا، فقد تحسنت تجهيزات بعض هذه المدارس وكذلك الأوضاع الصحية داخلها تحت تأثير حركة التنوير، كما زادت رواتب معلميها، إلا أن مناهجها وطرق التدريس فيها لم تتغيَّر كثيراً عما قبل. ولكن أثر جهود كلٍّ من الحكومة وحركة التنوير في المدارس الأولية الخيرية (تلمود تورا) كان أكثر وضوحاً منه في المدارس الأولية الخاصة (حيدر) حيث إنها كانت مؤسسات تمولها الجماعة، فأدخلت بعض المواد غير الدينية على منهجها مثل اللغة الروسية (والترجمة منها إلى العبرية) والحساب، كما أدخلت التعليم المهني والحرف اليدوية في برامجها. وأُدخل في هذه المدارس نظام الامتحانات كطريقة للتقييم داخلها. كذلك حاولت الحكومة تحديث المدارس التلمودية العليا (يشيفا) ، فأصدرت عدة قرارات شملت ضرورة تدريس اللغة الروسية والحساب والخط إلى جانب المواد الدينية، وتنظيم أوقات الدراسة داخلها. إلا أن قرارات الحكومة لم تؤثر كثيراً في هذه المدارس نظراً لكونها - كما أسلفنا - مؤسسات خاصة. ولعل أهم نتائج محاولات الحكومة الروسية تحديث ثقافة وتربية الجماعات اليهودية هو بروز فئة من المثقفين والرأسماليين اليهود لديهم ثقافة علمانية حديثة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015