يُلاحَظ ـ كما أسلفنا ـ أن الجماعتين اليهوديتين في إيطاليا وإسبانيا المسيحية كانتا تتَّسمان بالانفتاح النسبي، فلم ينحصر اهتمام أعضائهما في العلوم الدينية والتلمودية وإنما أبدى كثير من المتعلمين اليهود اهتماماً بالدراسات العلمانية واللغوية. ولذا، لم تقتصر مناهج المدارس، منذ عصر النهضة في الغرب بل وقبله، على العلوم الدينية (كما كان الحال في شمال أوربا) ، بل تضمنت هذه المناهج مادة الحساب وقواعد العبرية واللغة الإيطالية وقواعدها والحروف واللغة اللاتينية والرقص، وذلك علاوة على الدراسات الدينية التقليدية مثل العهد القديم والتلمود.
أما فيما يتصل بالتعليم العالي، فكانت تُوجَد مدارس تلمودية عليا كما هو الحال في معظم الجماعات اليهودية. ولكن، إلى جانب ذلك التحق كثير من الطلبة اليهود بالجامعات غير اليهودية. كذلك لوحظ، في إيطاليا، تزايد عدد الطلبة من أعضاء الجماعات اليهودية في كليات الطب. وقد طرح ديفيد بروفنسال عام 1564 فكرة إنشاء جامعة يهودية في إيطاليا يتضمن منهجها كلاًّ من المواد الدينية التقليدية والمواد الدنيوية. وفي القرن الثامن عشر، نجد أن دراسة التلمود أصبحت مجرد مادة واحدة تُدرَّس ضمن المواد الأخرى في المدارس اليهودية العليا.
التربية والتعليم عند الجماعات اليهودية في بولندا حتى نهاية القرن الثامن عشر
صلى الله عليه وسلمducation of the Jewish Communities in Poland to the صلى الله عليه وسلمnd of the صلى الله عليه وسلمighteenth Century
كانت الجماعة اليهودية في بولندا وليتوانيا جماعة وظيفية مالية يتسم أعضاؤها بقدر من التميُّز النسبي، الإثني والديني، رغم تأثرهم العميق بالمجتمع المضيف. وكما هو الحال مع الجماعات الوظيفية، كانت هناك مجموعة من مؤسسات الإدارة الذاتية المتكاملة التي أدارت شئون الجماعة: الدينية والاجتماعية والتربوية، والتي انتظمتها مؤسسة القهال التي سيطر عليها تحالف من الحاخامات وكبار المموِّلين.