وينطلق فرويد في كتابه الطوطم والمحرم من الافتراض الذي قال به داروين بأن الكائنات البشرية الأولى كان لها نمط من الحياة شبيه بنمط الحياة عند القردة العليا، أي أنها كانت تكوِّن جماعات صغيرة يرأسها ذكر قوي ومستبد هو سيد جماعته وأب لها لا حدود لما له عليها من سلطان. هذا الأب كان أباً غيوراً يستأثر بكل الإناث ولا يكاد أبناؤه يشبون عن الطوق حتى يطردهم خارج العشيرة أو يخصيهم أو حتى يقتلهم. ولكن حدث ذات يوم أن التأم شمل الإخوة المطرودين فقتلوا أباهم ووضعوا بذلك حداً لعصر العشيرة الأبوية، وحيث إنهم كانوا من أَكَلة لحوم البشر فقد التهموا لحم أبيهم نيئاً في محاولة التوحد به. وبعد فترة بدأت الجماعة تختار حيواناً قوياً مرهوباً ليحل محل الأب هو «الحيوان الطوطمي» أو «الطوطم» . وظلت الجماعة تحتفظ للحيوان الطوطمي بالانفعالات الثنائية نفسها التي كانت من نصيب الأب (أي التبجيل والبغض والخشية معاً) ، ومن ثم فإن الطوطم برغم كونه موضع العبادة والحماية كان يُقتَل ويُلتَهم من أفراد الجماعة، وكان ذلك يتم في احتفال ذي طقوس خاصة هو الوليمة الطوطمية (التي ربما كانت أول احتفال بشري) .
غير أن الأبناء وكل الأخوة غير الأشقاء أدركوا أن المصير الذي حل بالأب سوف يحل بالضرورة بهم ما لم يؤلفوا حلفاً فيما بينهم يُحرِّم القتل والزواج من داخل القبيلة. وهكذا ظهرت " الأباعدية " أو الزواج بعيداً عن الجماعة التي ينتمي لها الفرد، أي أن جريمة قتل الأب وغشيان المحارم أدَّت في واقع الأمر إلى انتقال الإنسان من حالة الطبيعة إلى حالة الحضارة، وهي التي أدَّت إلى بناء مجتمع على أساس عقد اجتماعي من نوع خاص يتضمن التنازل عن الغرائز وإدراك الالتزامات المتبادلة.