الطريقة الثالثة التي ابتدعها فرويد وطورها للتحليل النفسي هي «الطرح» ، فالعلاقة الوثيقة بين المحلل والمريض والتي يكشف خلالها المريض عن مكنون نفسه تؤدي إلى قيام علاقة عاطفية مشبوبة من جانب المريض تجاه المحلل تتدرج ما بين العشق الجنسي وبين الاستخفاف الشديد والكراهية المقيتة. ويُفسِّر فرويد هذه الظاهرة بأن المريض يعيد تمثيل الانفعالات التي عاناها في موقف سابق وكبت ذكرياته عنها وينقل انفعالات طفولته المبكرة ومشاعرها واتجاهاتها إلى المحلل. ويذهب إلى أن هذه الانفعالات المطروحة تزودنا بدلالات المادة اللاشعورية المكبوتة. كما تعطي المريض فرصة الاستبصار، فهي طريقة لتحقيق الشفاء للمريض.

وهنا يظهر الإيقاع الثلاثي مرة أخرى: المريض - المادة المشفَّرة الناتجة عن عمليات التداعي الحر والأحلام والطرح - وأخيراً يظهر المحلل الذي يلعب هنا دور الإله، أو على الأقل المفسر القادر على فك شفرة النص المقدَّس، ومن ثم فتفسيره في واقع الأمر أكثر قوة كما أنه مفعم بالمعنى أكثر من النص الأصلي نفسه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015